10- بركته في شفاء رجل عبد الله بن عتيك
وأرسل صلى الله عليه وسلم لـأبي رافع المجرم اليهودي الذي كان يسب الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت له جوارٍ يغنين بسب الإسلام والقرآن والرسول صلى الله عليه وسلم، آذى الله ورسوله، فأرسل إليه صلى الله عليه وسلم البراء بن عبد الله فذهب فدخل عليه في مشربة فقتله، ثم خرج من المشربة وسمع الصوت فقفز فوقع على رجله فانكسرت رجل الصحابي، فسحبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وربط رجله بعمامته، فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: {ابسط رجلك قال: فمسحها بيده الشريفة، فعادت أقوى من الأخرى }
11- بركة دعائه ونفثه في شفاء جروح خالد بن الوليد
ومن بركته صلى الله عليه وسلم ومما آتاه الله سبحانه وتعالى من حسن أثر على الناس أن خالد بن الوليد كما روى أحمد في المسند يوم حنين جرح جرحاً عظيماً، ومن مثل خالد ؟ خالد سيف الله المسلول، فدخل خيمته والجيش كثير في حنين ، هذه معركة حنين والطائف ، فسمع صلى الله عليه وسلم وهو في خيمته بجرح خالد ، وهو متكئ على ظهره في الخيمة، يقول أعرابي: {كان صلى الله عليه وسلم يقول يوم حنين : من يدلني على خيمة خالد بن الوليد ؟ قال غلام من الناس: أنا يا رسول الله! أدلك، قال: اذهب أمامي قال: فدخلنا على خالد وهو متكئ يئن من الجراح، فأتى صلى الله عليه وسلم فدعا ونفث، فجلس خالد ما به شيء }
12-علاجه للعقول
فقد ذكر أبو نعيم عن الوازع قال: {انطلقت بابن لي مجنون كان يفسد عليهم الطعام ويفسد عليهم المنام -سلب عقله- فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ما هذا؟ قلت: ابن لي جن يا رسول الله! قال: قربه مني، قال: فقربته منه، فوضع يده على صدره ثم دعا فتقيأ ابني فخرج من بطنه مثل الجرو الأسود، فصح ابني، فكان من أعقل قومه } رد الله عقل ابنه بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وببركة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم.
وذكر البخاري ومسلم عن جابر قال: {أغمي عليّ -أغمي عليه وفقد وعيه- فزاره صلى الله عليه وسلم قال: عليّ بماء، فتوضأ صلى الله عليه وسلم وصب بقية الماء على جابر فاستيقظ، ثم وضع صلى الله عليه وسلم يده على صدر جابر ، قال: فما زلت أجد بردها إلى الآن }.
13- إخباره بما في نفس وابصة
روى أحمد والطبراني عن وابصة بن معبد قال: {أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم -وقد جهز سؤالاً في خاطره وفي ضميره ولم يخبر أحداً من الناس- قال: فوصلت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قال: يا وابصة جئت تسأل عن البر والإثم -يقول: السؤال الذي عندك تسأل عن البر والإثم- قلت: نعم يا رسول الله! قال: البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس } فأخبره عليه الصلاة والسلام بما أسر.
14- إخباره بما في نفس أبي سعيد
وفي الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري قال: قالت لي أختي: أما ترى ما نحن فيه يا أبا سعيد ! من الفقر والجوع -يقول: أصابنا جوع لم يصبنا مثله قط- فقالت أختي: أما ترى ما نحن فيه، اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهبت فإذا هو يخطب الناس فلما رآني -عرف صلى الله عليه وسلم بالقضية وما قالت له أخته وما جرى- قال: { ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، قال: ففهمت أنه أرادني فوالله ما سألته، ووالله لقد عدت، ورزقنا الله برزق، ولا أعلم في المدينة أناساً أكثر منا رزقاً الآن } إن الرسول صلى الله عليه وسلم عرف أنه أتى يطلب، فأخبره بالخبر، فعاد رضي الله عنه وأرضاه.
15- إخباره بما يجري لخبيب في مكة
روى البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أرسلهم إليها، خبيب بن عدي ومن معه، واستأسره الكفار، ودخلوا بـخبيب بن عدي ، وهو صاحب خشبة الموت، وأول من سن ركعتين عند الموت خبيب بن عدي رضي الله عنه وأرضاه، وأول من أنشد عند الموت خبيب بن عدي ، وأول من ألقى دعاءً على الخشبة خبيب بن عدي ، فاستأسره كفار مكة ، فذهبوا به إلى غرفة، وأغلقوا عليه، ومنعوه من الطعام، فكان إذا جاع، يأتيه ملك من السماء بعنقود عنب، فيأكل حتى يشبع، فخرجوا به إلى ضاحية مكة ، فنصبوا له المشنقة، يريدون إعدامه، والكفار مجتمعون حوله، قال: أنظروني أصلي ركعتين؟ قالوا: صل، فصلى ثم سلم، وقال: والله الذي لا إله إلا هو لولا أن تظنوا أن بي جزعاً لطولت الصلاة، فرفعوه على خشبة الموت، قال: اللهم! احصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، ثم أنشد، ومن ينشد في الموت؟! أما خبيب بن عدي فقال:
ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع
بارك الله فيه وفي أشلائه، ثم قال: اللهم أخبر رسولك ما نلقى الغداة، يقول: بلغ رسولك منا السلام، وأخبره ماذا لقينا، فقال صلى الله عليه وسلم، وهو في المدينة ، وذاك في مكة في نفس اللحظة والوقت والزمن: عليك السلام يا خبيب ! عليك السلام يا خبيب ! عليك السلام يا خبيب !
16- إخباره بقتل أصحاب بئر معونة ومؤتة
وإخباره صلى الله عليه وسلم بأصحاب بئر معونة ، حيث قتل سبعون من القراء، ومنهم حرام بن ملحان طعنه رجل في ظهره، فخرج الرمح من صدره، فأخذ الدم ورش القاتل، وقال: فزت ورب الكعبة، فأخبر صلى الله عليه وسلم بقتلهم في لحظتهم، وقد ذكرت لكم أنه صلى الله عليه وسلم ذكر الشهداء من مؤتة ، وكشف الله له الغطاء، وهم في مؤتة جعفر الطيار وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة قال: {رأيتهم الآن عرضوا على أسرة من ذهب دخلوا الجنة، وقد عوض الله جعفر بن أبي طالب بجناحين في الجنة، يطير بهما حيث شاء } وهذا من إخباره صلى الله عليه وسلم في وقته بالمغيبات.
17- إخباره بفعل حاطب في فتح مكة
أراد صلى الله عليه وسلم أن يجهز جيشاً لـمكة ، وأخفى الأخبار حتى يبغتهم بغتة، يأتيهم بغتة وفجأة وهم لا يشعرون، فسد الأخبار وقال: {اللهم خذ بأسماع قريش وأبصارها } خذ بأسماع قريش، أي: اعم أبصارها وأسماعها، فلا تدري به صلى الله عليه وسلم، لئلا يتجهزون بجيش ويستعدون، ومباغتة العدو من أعظم الخطط العسكرية الرهيبة، كما ذكرها محمود شيت خطاب وغيره من الذين تكلموا في العسكرية الإسلامية.
قال: خذ بأسماعهم وأبصارهم، فأتى حاطب بن أبي بلتعة ، وأتى بامرأة قيل امرأة استأجرها، فكتب لأهل مكة ، وحاطب هذا من أهل بدر ومن أهل بيعة الرضوان من الصحابة، لكن يعثر العبد ويخطئ العبد؛ فهو ليس نبياً معصوماً، فكتب خطاباً سرياً خطيراً يكشف خطة الرسول عليه الصلاة والسلام، يريد هو رضي الله عنه أن يتخذ يداً عند كفار قريش يرضون عنه، فيتركون أبناءه وبناته وماله، ولا يؤذونه بشيء، فكتب: إن محمداً عليه الصلاة والسلام يريد قتالكم، فقد تجهز بجيش فاستعدوا، ثم أخذ الخطاب، فلفه ووضعه في جديلة وفي ظفائر وفي شعر المرأة، ولفها عليه، ثم غرزه وأخفاه، وقال: اذهبي انطلقي، فذهبت من المدينة حتى أصبحت في روضة خاخ ، لكن أين يذهب الخبر، والذي على العرش استوى لا تخفى عليه خافية؟! فأنزل الله جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قال: أدرك ظعينة حاطب بن أبي بلتعة ؛ فإنها في روضة خاخ ، ومعها كتاب لكفار قريش يخبرهم بك، قال: يا علي ويا زبير ! انطلقا إلى روضة خاخ ، فانطلقا بفرسين يتسابقان فطوقا روضة خاخ ، وإذا بالظعينة بين الشجر، قالوا: أخرجي الكتاب، قالت: ما عندي كتاب، وحلفت لهم أيماناً لا تقبل ولا تهضم ولا تصدق، فقال علي بن أبي طالب : والذي نفسي بيده ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده لتخرجن الكتاب أو لأجردنك من الثياب، إما هذا وإما هذا، قالت: انتظروني قليلاً، فأخرجت الكتاب، فأخذا الكتاب واشتدا كالصقرين حتى عادا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتاب، قال: عليّ بـحاطب ، وأتوا بـحاطب من بيته، وعلم أن المسألة كشفت، فأجلسه صلى الله عليه وسلم للمحاكمة، وعمر بسيفه جاهز متخصص في قطع الرءوس على الطريقة الإسلامية.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حاطب ! ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رسول الله! ليس لي أهل ولا عشيرة ولا قوم في مكة ، ولي أبناء عندهم وبنات -أي: أن له شبهة لكنها لا تقبل- فأردت أن يكون لي يد، فسكت صلى الله عليه وسلم فقال عمر : يا رسول اللهّ! ائذن لي أن أضرب عنق هذا المنافق؛ فقد خان الله ورسوله، وسل السيف، قال: {يا عمر ! دعه، يا عمر ! لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم } فدمعت عينا عمر ، أي أنه من كان من أهل بدر ، لا يسبقه فضل، ولا ترقى إليه درجة ولا منـزلة أبداً ولا رتبة، فكف عمر السيف، فأخبر الله رسوله بهذا الخبر وما حصل
18- إخباره بحديث عمير بن وهب مع صفوان في مكة
كان صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في المسجد وهو يتحدث لهم صلى الله عليه وسلم، وإذا بـعمر بن الخطاب مقبل، ومعه رجل، وقد أخذ عمر بتلابيب ثياب الرجل وبحمالة سيفه يقوده في المسجد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ قال: هذا عمير بن وهب أتى ومعه الشيطان، فقال: اتركه يا عمر ! فأطلقه رضي الله عنه وسيفه معه، فأجلسه صلى الله عليه وسلم أمامه، وكان قد أتى من مكة ، قال: {ماذا أتى بك يا عمير بن وهب ؟ -وهذا بعد بدر والأسارى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: يا محمد! أتيت أفادي الأسارى الذين عندك -أي: أدفع الفدية وآخذ الأسارى- قال: كذبت، أنت جلست مع صفوان بن أمية ليلة كذا وكذا بعد صلاة العشاء بالحرم، فقلت له أنت: أما ترى ما فعل محمد بنا في بدر ، قتل منا سبعين، وأسر منا سبعين، ليت لي بمن يكفيني أهلي ومالي، وأذهب إلى محمد، وأقتله في المدينة ، قال لك صفوان : أنا أكفيك مالك وأهلك واذهب فاقتله، فأتيت تقتلني وما كان الله ليسلطك عليّ، قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، والله ما علم بي إلا أنت فمن أخبرك؟ قال: نبأني العليم الخبير، فأسلم واغتسل ودخل في دين الله }.
19- إخباره بفعل عيينة بن حصن مع أهل الطائف
وأرسل عيينة بن حصن -كما عند البيهقي وأبي نعيم - يفاوض أهل الطائف ، وعيينة هذا إسلامه ضعيف وقد ارتد، وهو سيد من سادات غطفان ، قال: اذهب وفاوض أهل الطائف في الحصون ينـزلون على حكمي على الإسلام، فذهب إليهم فقال: تحصنوا -بخلاف ما أرسله عليه الصلاة والسلام- لعلكم تعزون ويعزكم العرب، ثم أتى إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقال له: ماذا قلت لهم؟ قال: قلت لهم: أسلموا ودعوتهم إلى الإسلام قال: كذبت، بل قلت لهم كذا وكذا وكذا